16 - 08 - 2024

وجهة نظري| زوجات الشهداء فى انتخابات النواب

وجهة نظري| زوجات الشهداء فى انتخابات النواب

دفعوا حياتهم فداء للوطن فاستحقوا كل تكريم. وهبوا أرواحهم للموت كي تعيش أرواحنا فى طمأنينة وسلام فاستحقوا منا كل تقدير وعرفان. لا تكفى كل كلمات الشكر ولا توفى كل مظاهر التكريم لحق هؤلاء علينا.

إطلاق أسمائهم على الشوارع والمدارس، معاشات إستثنائية لأسرهم، إعفاءات من مصارف المدارس، استثناءات لدخول أبنائهم الجامعات، تسهيلات فى تقديم الخدمات فى كل المصالح والمؤسسات.. كل ذلك وأكثر من حق أسر الشهداء علينا، يكفى أنهم فقدوا فلذات أكبادهم وضحوا بقطعة من قلوبهم وقبسا من نور أعينهم، تتضاءل مع آلام فقدهم كل كنوز الدنيا ويضيع مع رحيلهم كل أثر للبهجة والفرحة إلى غير رجعة.

نقدر ذلك الإحساس بالالم ونقدر حجم ما قدمه الشهداء من تضحية وقدر ماتعانيه أسرهم من وجع الفقد، ومع ذلك لا نستطيع أن نمنع أنفسنا من الدهشة إزاء ما أقدمت عليه القائمة الوطنية من أجل مصر بتمثيل زوجات الشهداء بين مرشحيها فى انتخابات مجلس النواب تكريما لهن واعترافا منها بالجميل الذى قدمته أسر الشهداء فى سبيل الوطن!

حالة الدهشة للأسف لاتتوقف عند حد السابقة التى أقدم عليها معدو القائمة الوطنية لكن تتزايد مع عرض المبررات التى روجوها للترويج لهذه الخطوة.. منها أنها فرصة لتكريم زوجات الشهداء وإعطائهن حق تمثيل لفئة ليست بالقليلة، ومن ثم أصبحت هناك حاجة لصوت يعبر عنهم داخل البرلمان، فضلا عن الدور المتصور من قبل الزوجات لتوعية المواطنين بما يقوم به رجال القوات المسلحة والشرطة فى مواجهة الإرهاب، وتبنى القوانين التى تهدف لتشديد العقوبة على الإرهابيين.

مبررات تبدو منطقية من وجهة نظر زوجات الشهداء، وبالطبع من وراء إقناعهن بالمشاركة فى الانتخابات البرلمانية القادمة، لكنها بالطبع لاتكفى لإقناع غيرهم، ويصبح مجرد طرحها أو الترويج من وجهة نظر الكثيرين محاولة ممجوجة للترويج فى غير محلها.

فلنائب البرلمان سمات ومقومات وخصائص من المفترض أن يتسم بها، فهو صوت الشعب المعبر عن كل همومه وآلامه لا صوت فئة مهما بلغ حجمها وقدرها ودورها المقدر.. وهو أيضا المراقب على أداء الحكومة الراصد لنقاط ضعفها وزللها، والمواجه لكل قراراتها التى لا تصب فى غير مصلحة المواطنين! هو أيضا المشرع لكل مايخدم تلك المصلحة.

هذا بالطبع ما يفترض أن يكون عليه نواب البرلمان، ولأن الواقع لا يبدو على تلك الحالة من الجدية، ولأن اداء نواب برلماننا الموقر لم يكن على مستوى قضايا الشعب وهمومه، ولم يشعر أحدا بأنه صوته المعبر عن تلك الهموم، ربما دفع ذلك البعض للتهوين من دور البرلمانى أو الاستخفاف بالدور والمهمة الملقاة على عاتقه.

لسنا ضد تكريم زوجات الشهداء بل على العكس، فكلنا حماس لكل خطوة تتخذ لإحياء ذكرى الشهداء وتعظيم دورهم وتكريم أسرهم، لكن أن يصل الأمر للبرلمان، فأعتقد أنها مجاملة فى غير محلها واستغلال من قبل البعض لأسماء الشهداء، يجب أن ينأى الجميع عنه. فمكانة هؤلاء أسمى من أن يشوبها أى هوى أو غرض سياسى مشكوك كثيرا فى براءته.
-----------------------
بقلم: هالة فؤاد

مقالات اخرى للكاتب

وجهة نظري | الموت قهرا